العرس الليبي بين ارث الماضي ومقتضيات الحاضر
صفحة 1 من اصل 1
العرس الليبي بين ارث الماضي ومقتضيات الحاضر
أن تختصر الزمن، وتحدد المدة، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة، وتقلل التكاليف، كل تلك أمور
مشروعة خلال حفلات الزواج في ليبيا، ولكن أن تغير الموروث والعادات التقليدية في مثل هذه
المناسبات فهذا أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً في نظر أصحابه.
فالعرس في ليبيا مازال يتميز بطقوس خاصة عن باقي الأعراس في الدول العربية والإسلامية
رغم اختصار مدته من عشرة أيام إلى ثلاثة أو يومين لكن بنفس الموروث الحضاري الذي
انتقل إلى الأبناء من الأجداد.
المظاهر التقليدية للعرس الليبي لا تقتصر فقط على حضور فرقة «الغناء»الشعبية، إذ لا تزال
أجواء الفرح تفيض بعبق الماضي وتزخر بالكثير من العادات والتقاليد الموروثة، على الرغم
من مظاهر الحداثة التي بدأت تتغلغل في المجتمع الليبي.
ونظراً إلى امتداد رقعة مساحة ليبيا، فإن طقوس الزفاف تختلف بحسب المنطقة والإقليم وطباع
أهله. ففي العاصمة طرابلس، ووفقاً لما جرت عليه العادة قديماً، يمتدّ العرس أياماً وليالي،
تكثر خلالها الزغاريد ويطول فيها السهر وتلتئم النسوة من الأهل والأقارب حول العروس وأهلها.
ومع إشراقة شمس أول أيام العرس، تتجه الفتاة برفقة شقيقاتها وصديقاتها المقربات إلى
الحمام البخاري، بينما تجتمع النسوة حول والدتها لمساعدتها في التجهيز والإعداد لليلة
الزفاف. أما في الواحات وخارج المدن، فتختلف طقوس وعادات الزواج عن المدينة.
حيث يمتد لليالٍ طوال في الجنوب الليبي وله عادات وطقوس تختلف عن المدن فتجلس النساء
مقابل الرجال في خيام ويتبادلن الشعر الشعبي كل يقول بيتاً ويرد الآخر عليه من النساء
والرجال وسط الزغاريد والرقص. وتقول السيدة الليبية أم احمد: ابتداءً من هذا اليوم ترتدي
العروس اللباس الليبي التقليدي ويطلق عليه اسم «الحولي البودري» أي الوردي اللون.
ويتكون من بنطال (سروال) عريض وقميص، تُلف حولهما قطعة كبيرة من القماش المصنوع
من الحرير وخيوط من فضة. ويغطي ضفائر شعرها المجدول خمار من قماش الفستان. ولا
تضع أي ماكياج على وجهها. وتقيم والدة العروس «سهرية» تحييها «النوبة» (الفرقة الغنائية).
وتضيف أم احمد: رغم أن الأعراس الليبية تقام حاليا في افخر الصالات والفنادق ذات الخمسة
نجوم إلا ان المعرس الليبي لديه طقوس في ليلة الزفة، فبالنسبة للعريس يقوم من خلال أقاربه
وأصحابه وأهله بزفة النوبة في الشارع وحارته ثم تختتم بالمألوف وهي فرقة تقيم الموشحات
والقصائد.أما بالنسبة للعروس فتكون حفلاتها مقتصرة على العنصر النسائي فقط وهو النظام
السائد في ليبيا حتى الآن.
وتشير السيدة الليبية إلى انه في ليلة العرس الأولى يأتي العريس على أنغام النوبة الليبية
وعلى إيقاع الأهازيج، حيث تصل الفرقة برفقة أصدقاء العريس إلى مشارف بيت العروس
لتبدأ «عملية» تسليم الفتيات الهدايا التي جاءت «النوبة» لتوصيلها. وبمجرد أن
تعود «النوبة» أدراجها، تستقر «القفف» أو السلال التي وضعت فيها الهدايا، وسط حلقة
النساء اللواتي ينتظرن بفضول عرضها أمامهن. وطبقاً للتقاليد، تحمل كل سلة هدية مختلفة،
واحدة للعطور، وواحدة لأدوات الزينة، وأخرى للمجوهرات والذهب وأخيرة للملابس التقليدية.
وتقول أم احمد: في الصباح التالي، المعروف «بيوم الحنة»، تفرق محتويات سلة العطرية
من بخور وشمع ومسواك ومسك وسكر، على الفتيات وتخضب أياديهن ويدا العروس بنقوش
وزخارف من الحناء. ويتعين على عائلة العروس «الرد» على هدايا العريس، فترسل،
بدورها، قفف الهدايا إلى عائلته.
وفي اليوم الذي يليه تأتي «ليلة النجمة» وهي الأمسية الأغنى، من الناحية التراثية. وتجرى
مراسمها وفقاً لطقوس محددة، طبقاً لما توارثته الأجيال من تقاليد شعبية. ويُحضّر للنجمة التي
تبدأ عادة في الساعات الأولى من اليوم الثاني أي بعد منتصف الليل حتى ظهور نجوم اليوم
التالي، وهي تقام عادة في منزل العروس أوفي صالة بدعوة الأحباب لارتداء الزي التقليدي، مع
المجوهرات. وتجلس النساء جنباً إلى جنب في «الصدارات» القاعة. ومع وقع
دفوف «الزمزامات» وغنائهن يقدم عشاء للضيوف إلى حين حضور أهل العريس. وتدخل أم
العريس وتضع على العروس إما «شنبير» وإما «خناقاً» أو شجرة (عقداً) كبيراً من
الذهب، بحسب ما هو متفق عليه. وتأخذ «الحما» قليلاً من الحنة وتضعها في يد العروس
وسط الزغاريد والتهليل، ثم تغادر لتخرج العروس ووجهها مغطى، وبيدها سكين كبيرة، ترافقها
نساء العائلة وبناتها لملاقاة «النجمة».
فتكشف وجهها سبع مرات وتنظر إلى السماء موجهة السكين صوب «نجمتها»، فتلتقطها في
حركة رمزية وتعود إلى صالة الاحتفال. ولتتقاسم الفتيات الأخريات الحظ معها، يحضرن مرآة
عليها إناء فيه قماشة مغموسة بالزيت، ويشعلن فيها النار(القنديل). ثم يكشفن رأس العروس
ويضعن على شعرها قليلاً من الزيت، والحنّة في يديها ثم يوزّعن البقية على العازبات.
وتتواصل «النجمة» بالرقص والغناء، حتى فجر اليوم التالي الذي تقام فيه «الحفلة
الكبيرة»، أي العرس، كما هو مألوف في معظم الدول العربية، أي بالفستان الأبيض
والموسيقى والرقص والغناء. وآخر أيام العرس هو «المحضر»، وتقيمه والدة العريس بعد
ليلة الزفاف.
وتصعد العروس خلال «المحضر» على طاولة كبيرة بينما تديرها أخريات 7 دورات، وهن
يغنين لها ويتمنّين لها حياة سعيدة، أما هي فتبقي كفّيها مقابل وجهها كما في حال الدعاء لله
وتجعلهما يتداخلان 7 مرات بحركة متقاطعة.
وحين تترجل العروس من على الطاولة، تكون المراسم الفعلية للعرس الليبي اختتمت. ويعلل
الكثير سبب تأخر الزواج بالنسبة للشباب الليبي بتكاليف العرس الباهظة ،رغم أن هناك
تسهيلات وأشياء يمكن التغاضي عنها من قبل أهل العروس.
مواضيع مماثلة
» العصبان الليبي
» العـــــرس الليبي
» سمك فى الفرن(( من المطبخ الليبي))
» المقروض الليبي السمح
» نك روبرتسون يروي كيف دخلت CNN إلى سجن أبو سليم الليبي
» العـــــرس الليبي
» سمك فى الفرن(( من المطبخ الليبي))
» المقروض الليبي السمح
» نك روبرتسون يروي كيف دخلت CNN إلى سجن أبو سليم الليبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى